تحدد الأوضاع البيئية المتبيانة، الاختلافات الموسمية والإقليمية في حدوث الأمراض، ففي البلدان النامية تنتشر الأمراض المعدية والطفيلية ومضاعفات ما قبل الولادة والحمل، وتنتقل بعض الأمراض المعدية بسهولة أكبر أثناء فصل الأمطار.
كما أن درجة الحرارة والرطوبة والتربة وسقوط الأمطار والأحوال الجوية، تعتبر جميعا عوامل مهمة في إيكولوجية أمراض معدية معينة، نظرا لأنها تتحكم في توزيع ناقلات الأمراض ووفرتها.
تسبب العلل السارية نسبة كبيرة من الأمراض والوفيات في البلدان النامية حيث يعيش مليارات من البشر، الذين ما زالوا يفتقرون إلى الضروريات الأساسية، مثل المأوى الملائم وسبل الحصول على إمدادات المياه النظيفة والمرافق الصحية ومرافق التخلص من النفايات، فتدهور الأوضاع البيئية التي يعيشون في ظلها، يضاعف من انتشار العوامل المعدية وتوالد ناقلات الأمراض، فالاكتظاظ السكاني يعجل بانتشار السل وأمراض الجهاز التنفسي.
كما أن انعدام المرافق الصحية وإمدادات المياه النظيفة، يوفر أرضا خصبة لتفشي الأمراض المعوية التي تنقلها المياه والأغذية، وكلما زاد عدد الناس المعرضين لمصدر تلوث ما كلما تفاقم خطر الإصابة بالمرض وانتشاره.
ففي منتصف الثمانينات من القرن الماضي قدر أن 17 مليون شخص (منهم 10.5 مليون طفل دون سن الخامسة ) في البلدان النامية يتوفون كل سنة بالأمراض المعدية والطفيلية، مقابل نحو نصف مليون في البلدان النامية.
وبالرغم من أن الإصابات بالكوليرا قد انخفضت في آسيا، فقد لقيت طريقها إلى القارة الأمريكية وأدت إلى زيادة مثيرة في عدد الحالات التي أبلغت إلى منظمة الصحة العالمية (نحو 25000 حالة في عام 1991 فقط)، وفي أفريقيا كان إجمالي عدد حالات الكوليرا مستقرا تقريبا خلال العقدين الأخيرين، ومع ذلك حدثت بين الحين والآخر إصابات محلية بالكوليرا في بلدان مختلفة، كانت في الأساس بسبب تلوث مياه الشرب والأغذية.
* الملاريا:
لا تزال الملاريا تشكل إحدى أخطر مشاكل الصحة العامة والبيئة في جزء كبير من العالم النامي، وهذا المرض مستوطن في 102 بلد، مما يعرض أكثر من نصف سكان العالم إلى خطر الإصابة به.
ومنذ عام 1980 كان هناك انخفاض عام في عدد حالات الملاريا في إفريقيا وجنوب شرقي آسيا وغربي المحيط الهادئ، ولكن كانت هناك زيادة تدريجية في القارة الأمريكية، ففي عام 1988م كانت هناك 8 ملايين حالة ملاريا في العالم تم إبلاغ منظمة الصحة العالمية بها، بيد أنه يعتقد أن العدد الإجمالي للحالات هو في حدود 10 مليون من العدد الكلي للحالات التي تم الإبلاغ عنها في عام 1988م، ويعتقد أن 43% من سكان العالم يعيشون في مناطق موبوءة بالملاريا، لا تتخذ فيها أي تدابير محددة لمكافحة انتقالها.
* البلهارسيا:
لا تزال البلهارسيا إحدى المخاطر الصحية الكبرى في نحو 76 بلدا ناميا، والبلدان والمناطق التي توجد فيها أعداد كبيرة من الحالات هي البرازيل وإفريقيا الوسطى والصين وكمبوديا ومصر والفلبين، ويقدر أن نحو 200 مليون شخص مصابون بالمرض و600 مليون آخرين معرضون لخطر الإصابة به.
وقد ساهم إنشاء البحيرات الاصطناعية وبرك تربية الأسماك وشبكات الري في زيادة الإصابة بالمرض، فمثلا تبين عقب إنشاء سد دياما على نهر السنغال في عام 1986م، أن البلهارسيا المعوية قد ازدادت بشكل كبير منذ أوائل عام 1986م، وبحلول عام 1989م كانت نسبة 71.5% من العينات التي تم اختبارها إيجابية.
* الإيدز:
شهد العقد الأخير أولى الحالات التي تم الإبلاغ عنها للإصابة بفيروس نقص المناعة البشري، ومتلازمة فقد المناعة المكتسب (الإيدز).
ويفتك مرض الإيدز بالناس من جميع الأعمار، ولكنه يشكل خطرا متزايدا بالنسبة إلى الأطفال حديثي الولادة والرضع، وتوجد 1.5 مليون امرأة على الأقل على نطاق العالم –منهن نحو مليون في أفريقيا– مصابات بفيروس نقص المناعة البشري، والأطفال الذين يولدون لهؤلاء، يتراوح احتمال إصابتهم قبل ولادتهم أو أثناءها بين 25 و40%، ومن المؤكد تقريبا أن يموت هؤلاء الأطفال قبل أن يصلوا إلى سن الخامسة، ويقدر أن ما بين 5 و10 ملايين شخص في العالم مصابون بفيروس الإيدز، وأن نحو 400000 مرضى بالإيدز، حسب إحصائيات سابقة
يحيى صبيح الحاكورة الجديدة معرة النعمان ادلب.