المبيد الحشري مادة مُعَدَّة لقتل الحشرات. وتُسمّى مبيدات الحشرات أحيانًا مبيدات الآفات، إلا أن مبيدات الآفات تشمل المواد المستعملة في مكافحة الفئران والحشائش وآفات أخرى، كما تشمل أيضًا تلك المستعملة في مكافحة الحشرات. تسبِّب الحشرات في جميع أنحاء العالم أضرارًا بالغة بالمحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية، كما تسبب أيضًا أضرارًا للإنسان بنقلها للأمراض.
يستعمل المزارعون وأصحاب البساتين مبيدات الحشرات، لحماية النباتات والحيوانات من أضرار الحشرات. فمن المفيد رش أشجار التفاح بالمبيدات، وإلا فإن كثيرًا من ثمار التفاح تكون حاملة للديدان أي تحتوي على يرقات (الطور غير الكامل للحشرة). ويلجأ كثير من أصحاب الماشية وحيوانات المزرعة إلى رش حيواناتهم أو غمرها في محلول المبيد الحشري، وذلك لحمايتها من الذباب والقمل والسوس والقراد. هذه الآفات تنشر العديد من الأمراض مثل حمى المواشي وجرب الأغنام. ويمكن باستعمال مبيدات الحشرات مكافحة أمراض عديدة مثل الملاريا والتيفوس، وذلك بمعالجة أماكن تكاثر الحشرات التي تنشر هذه الأمراض.
تسمى بعض مبيدات الحشرات السُّموم المعدية لأنها تقتل الحشرات التي تقرض وتلتهم النباتات المعالجة. وتسمى أنواع أخرى من مبيدات الحشرات سموم الملامسة؛ لأنها تقتل الحشرات التي تتحرك، أي تلامس السطح المعالج. أمَّا السموم الشاملة فهي تلك المبيدات الحشرية التي ترش أو تحقن داخل النباتات والحيوانات. تمتص النباتات والحيوانات هذا النوع من المبيدات داخل عصاراتها أو دمائها. ويؤدي ذلك إلى قتل الحشرات التي تمتص عصارات تلك النباتات أو دماء الحيوان المعالج. وهناك المبخرات، وهي أبخرة أو غازات سامة تؤدي إلى القضاء على بعض أنواع الحشرات. أما مسبِّبات العقم الكيميائية، فهي تقضي على القدرة التناسلية للحشرات بتحويلها إلى حيوانات عقيمة. تعمل بعض أنواع مبيدات الحشرات بأكثر من طريقة. فـ سُم الملامسة، مثلا، يمكن أن يكون في الوقت نفسه سُمًا مَعِدِيًّا أيضًا.
أنواع مبيدات الحشرات
تقسم مبيدات الحشرات عادة حسب الطريقة التي يتم بها تحضيرها. فهي تصنَّف إلى مبيدات حشرية: عضوية، وغير عضوية، ونباتية، وجرثومية.
المبيـدات العضوية. أكثر الأنواع شيوعًا . وهي مواد كيميائية مصنَّعة. وتحتوي أساسًا على ذرات الكربون، والهيدروجين، والأكسجين. وتتوفر الآن المئات من هذه المبيدات العضوية. وهناك ثلاثة أنواع رئيسية من تلك المبيدات العضوية هي الهيدروكربونات المكلورة والفوسفاتات العضوية ومبيدات الكاربامات.
الهيدروكربونات المكلورة. وتُسمّى أحيانًا مركبات الكلور العضوية لاحتوائها على ذرات الكلور. تستعمل هذه المبيدات في مكافحة أنواع مختلفة من الحشرات التي تصيب النباتات والحيوانات. وتشتمل مركبات الكلور العضوية على الـ د.د.ت، والكلوردان واللندان، والميثوكسي كلور. وتُعَدّ هذه المبيدات طويلة الأثر، أي يظل مفعولها لمدة طويلة، حيث إنها متى استعملت يمكن أن يسري أثرها السام إلى الكائنات الحية لعدة سنوات. وقد أُنحي باللائمة على تلك المبيدات ذات الأثر طويل المدى في قتل الطيور والأسماك والحيوانات الأخرى؛ ونتيجة لذلك فقد استبدلت هذه السموم بمبيدات حشرية أخرى.
مبيدات الفوسفاتات العضوية. تحتوي على ذرات عنصر الفوسفور، ويمكن استعمالها في المحاصيل الغذائية حيث إنها لا تترك رواسب ضارة في المواد الغذائية. ومع ذلك فإنه يجب تداول بعض مركبات الفوسفور العضوية هذه بحرص شديد لأنها سامة جدًا للإنسان. ومن هذه المبيدات مركب الباراثيون، وهو يعطي وقاية فعالة ضد السوس وقملة النبات، لنباتات القطن وأشجار الفاكهة والخضراوات. يستعمل مركب الملاثيون على نطاق واسع لأنه أقل خطرًا من المبيد السابق وذلك لوقاية المزروعات ضد الإصابة بأنواع عديدة من الحشرات.
مبيدات الكربامات. تحتوي جزيئاتها على مجموعة أمينو واحدة أو أكثر، وهي مجموعة تتكون من ذرة نيتروجين وذرتي هيدروجين. ويمكن استعمال هذه المبيدات للقضاء على أغلب أنواع الحشرات. ولا ينتج عن استعمالها رواسب ضارة في المواد الغذائية. علمًا بأن بعضها ضار بحيوانات الدم الحار.
المبيدات غير العضوية. تحضَّر هذه المبيدات عادة من خامات معدنية. وهي تشتمل على زرنيخات الكالسيوم وزرنيخات الرصاص والفلوريدات والكبريت الجيري. تُستخدم المبيدات غير العضوية لحماية نباتات القطن وأشجار الفاكهة والخضراوات والمواشي ولكن العديد منها يبقى لمدة طويلة. وقد استُبدل بها مركَّبات غير عضوية أخرى تتحلل بسرعة أكبر وذلك لتقليل أخطار تلوث الحيوانات والإنسان بتلك المبيدات طويلة الأثر.
المبيدات النباتية. تصنع بطريقة طبيعية بوساطة النباتات الحية. ومنها مادة النيكوتين المستخلصة من أوراق نباتات التبغ والتي تستخدم مبيدًا حشريًا فعالاً ضد قملة النبات. ويمكن استخلاص مبيد البيرثرم من الأزهار المجففة لنبات البيرثرم. ويمكن رش هذا المبيد حول المواد الغذائية والحيوانات الأليفة، والمواشي للوقاية ضد الحشرات الطائرة والزاحفة. توجد مادة تُسمّى الروتينون في جذور نباتات الدريس ونباتات الكيوب التي تنمو في بعض مناطق آسيا وأمريكا الجنوبية. تستعمل هذه المادة السامة للوقاية من الإصابة بيرقات دويدة الماشية والقمل التي تصيبها، وكذلك لمكافحة حشرات البساتين. كما تستعمل هذه المادة لإبادة الأسماك غير المرغوب فيها للحد من تلوث البحيرات.
المبيدات الجرثومية. تعدي الحشرات بالأمراض. استعملت هذه المبيدات للقضاء على الخنافس وبعض أنواع اليساريع. وأغلب أنواع مبيدات الحشرات ذات أثر فعال ضد العديد من أنواع الحشرات، إلا أن المبيد الجرثومي يتمكن من القضاء على نوع واحد من الحشرات بدون الإضرار ببقية الأنواع.
استعمال مبيدات الحشرات
يمكن استعمال مبيدات الحشرات عن طريق الرش أو التغبير أو الغمر في خزان الغمر، أو الحقن أو الخلط بالمواد التي تتغذى بها الحشرات.
الرش والتغبير. بالنسبة لطريقة الرش، يخلط المبيد الحشري بزيت أو مذيب، أو بمذيب مستحلب (مادة صابونية). وعند خلط المستحضر بالماء يتكون سائل أبيض قشدي اللون، أو سائل ذو لون أصفر شاحب، وتعبَّأ كثير من مستحضرات المبيدات الحشرية المستعملة ضد الآفات المنزلية في عبوات الغاز السائل المسماة الهباء الجوي (الإيروزول) وذلك لتسهيل استعمالها.
كما تُصنع مساحيق التغبير بخلط المبيد الحشري بأنواع من الطمي الناعم، كما تضاف المواد المشتتة في بعض الأحيان. ويُخلط المستحضر بالماء حتى يمكن استعماله. ويتبخر الماء بعد معالجة النباتات تاركًا طبقة رقيقة من المبيد على الطبقة الحاملة.
والحقن طريقة مرتفعة التكاليف، صعبة التطبيق، كما أن القليل فقط من المبيدات مناسب لعملية الحقن داخل النباتات والحيوانات. ويجب أن يقوم بهذه العملية العمال المدربون تدريبًا خاصًا. تخلط مبيدات الحشرات المستعملة في تحضير الطُّعوم بالسَّكر، وبذور النباتات والمواد الأخرى التي تتغذى بها الحشرات.
أخطار مبيدات الحشرات. يجب التعامل مع جميع أنواع مبيدات الحشرات على أنها مواد سامة، ويجب ارتداء الملابس الواقية عند استعمالها لتجنب حوادث التسمم. وتختار المبيدات المراد استعمالها بحذر شديد، وذلك لأن الاختيار الخاطئ قد يؤدي إلى قتل أو يؤدي إلى الإضرار بالنبات أو الحيوان المراد حمايته. كما يجب تجنب الاستعمال المكثف للمواد التي تترك متبقيات ضارة على المحاصيل الغذائية.
ينبغي استعمال المبيدات الحشرية بحرص شديد لتجنب القضاء على الحشرات النافعة، مثل حشرات نحل العسل. ويستعمل بعض الأفراد أنواعًا من المبيدات الحشرية التي تؤدي إلى القضاء على نوع واحد من الحشرات، وهذا يمنع الإضرار بالأنواع الأخرى. ويفضل بعض الأفراد استعمال تلك الأنواع من المبيدات التي لا تؤثر على حيوانات الدم الحار. كما يبدي الكثير من الناس قلقًا بالغًا نحو كمية الرواسب الناتجة عن استعمال المبيدات الحشرية، التي تضر بالإنسان والحيوان.